كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يأمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يواجه المشركين بأنه منهي من ربه عن عبادة الذين يدعونهم من دون الله ويتخذونهم أندادًا لله.. ذلك أنه منهي عن اتباع أهوائهم- وهم إنما يدعون الذين يدعون من دون الله عن هوى لا عن علم، ولا عن حق- وأنه إن يتبع أهواءهم هذه يضل ولا يهتدي. فما تقوده أهواؤهم وما تقودهم إلا إلى الضلال.
يأمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يواجه المشركين هذه المواجهة، وأن يفاصلهم هذه المفاصلة؛ كما أمره من قبل في السورة بمثل هذا وهو يقول: {أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أِشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون}..
ولقد كان المشركون يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوافقهم على دينهم، فيوافقوه على دينه! وأن يسجد لآلهتم فيسجدوا لإلهه! كأن ذلك يمكن أن يكون! وكأن الشرك والإسلام يجتمعان في قلب! وكأن العبودية لله يمكن أن تقوم مع العبودية لسواه! وهو أمر لا يكون أبدًا. فالله أغنى الشركاء عن الشرك. وهو يطلب من عباده أن يخلصوا له العبودية؛ ولا يقبل منهم عبوديتهم له إذا شابوها بشيء من العبودية لغيره.. في قليل أو كثير..
ومع أن المقصود في الآية أن يواجههم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه منهي عن عبادة أيٍّ مما يدعون ويسمون من دون الله، فإن التعبير ب {الذين} في قوله تعالى: {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله}.
يستوقف النظر. فكلمة الذين تطلق على العقلاء. ولو كان المقصود هي الأوثان، والأصنام وما إليها لعبر ب ما بدل الذين.. فلابد أن يكون المقصود بالذين نوعًا آخر- مع الأصنام والأوثان وما إليها- نوعًا من العقلاء الذين يعبر عنهم بالاسم الموصول: الذين فغلب العقلاء، ووصف الجميع بوصف العقلاء.. وهذا الفهم يتفق مع الواقع من جهة؛ ومع المصطلحات الإسلامية في هذا المقام من جهة:
فمن جهة الواقع نجد أن المشركين ما كانوا يشركون بالله الأصنام والأوثان وحدها. ولكن كانوا يشركون معه الجن والملائكة والناس.. وهم ما كانوا يشركون الناس إلا في أن يجعلوا لهم حق التشريع للمجتمع وللأفراد. حيث يسنون لهم السنن، ويضعون لهم التقاليد؛ ويحكمون بينهم في منازعاتهم وفق العرف والرأي..
وهنا نصل إلى جهة المصطلحات الإسلامية.. فالإسلام يعتبر هذا شركًا؛ ويعتبر أن تحكيم الناس في أمور الناس تأليه لهم؛ وجعلهم أندادًا من دون الله.. وينهى الله عنه نهيه عن السجود للأصنام والأوثان؛ فكلاهما في عرف الإسلام سواء.. شرك بالله، ودعوة أنداد من دون الله!
ثم يجيء الإيقاع الثاني موصولًا بالإيقاع الأول ومتممًا له: {قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين}..
وهو أمر من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يجهر في مواجهة المشركين المكذبين بربهم- بما يجده في نفسه من اليقين الواضح الراسخ، والدليل الداخلي البين، والإحساس الوجداني العميق، بربه.. ووجوده، ووحدانيته، ووحيه إليه. وهو الشعور الذي وجده الرسل من ربهم، وعبروا عنه مثل هذا التعبير أو قريبًا منه:
قالها نوح عليه السلام: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون} وقالها صالح عليه السلام: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير} وقالها إبراهيم عليه السلام: {وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان} وقالها يعقوب عليه السلام لبنيه: {فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرًا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون} فهي حقيقة الألوهية كما تتجلى في قلوب أوليائه؛ ممن يتجلى الله لهم في قلوبهم؛ فيجدونه سبحانه حاضرًا فيها؛ ويجدون هذه الحقيقة بينة هنالك في أعماقهم تسكب في قلوبهم اليقين بها.
وهي الحقيقة التي يأمر الله نبيه أن يجهر بها في مواجهة المشركين المكذبين؛ الذين يطلبون منه الخوارق لتصديق ما جاءهم به من حقيقة ربه، الحقيقة التي يجدها هو كاملة واضحة عميقة في قلبه: {قل إني على بينة من ربي وكذبتم به}..
كذلك كانوا يطلبون أن ينزل عليهم خارقة أو ينزل بهم العذاب، ليصدقوا أنه جاءهم من عند الله.. وكان يؤمر أن يعلن لهم حقيقة الرسالة وحقيقة الرسول؛ وأن يفرق فرقانًا كاملًا بينها وبين حقيقة الألوهية؛ وأن يجهر بأنه لا يملك هذا الذي يستعجلونه؛ فالذي يملكه هو الله وحده؛ وهو ليس إلهًا، إنما هو رسول: {ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين}..
إن إيقاع العذاب بهم بعد مجيء الخارقة وتكذيبهم بها حكم وقضاء؛ ولله وحده الحكم والقضاء. فهو وحده الذي يقص الحق ويخبر به؛ وهو وحده الذي يفصل في الأمر بين الداعي إلى الحق والمكذبين به. وليس هذا أو ذلك لأحد من خلقه.
وبذلك يجرد الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه من أن تكون له قدرة، أو تدخل في شأن القضاء الذي ينزله الله بعباده. فهذا من شأن الألوهية وحدها وخصائصها، وهو بشر يوحى إليه، ليبلغ وينذر؛ لا لينزل قضاء ويفصل. وكما أن الله سبحانه هو الذي يقص الحق ويخبر به؛ فهو كذلك الذي يقضي في الأمر ويفصل فيه.. وليس بعد هذا تنزيه وتجريد لذات الله سبحانه وخصائصه، عن ذوات العبيد..
ثم يؤمر أن يلمس قلوبهم وعقولهم ويلفتها إلى دلالة قوية على أن هذا الأمر من عند الله، ومتروك لمشيئة الله. فلو أن أمر الخوارق- بما فيها إنزال العذاب- في مقدوره- وهو بشر- ما استطاع أن يمسك نفسه عن الاستجابة لهم، وهم يلحفون هذا الإلحاف. ولكن لأن الأمر بيد الله وحده، فهو يحلم عليهم؛ فلا يجيئهم بخارقة يتبعها العذاب المدمر، إن هم كذبوا بها كما فعل بمن قبلهم: {قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين}..
إن للطاقة البشرية حدودًا في الصبر والحلم والإمهال. وما يحلم على البشر ويمهلهم- على عصيانهم وتمردهم وتبجحهم- إلا الله الحليم القوي العظيم..
وصدق الله العظيم.. فإن الإنسان ليرى من بعض الخلق ما يضيق به الصدر، وتبلغ منه الروح الحلقوم.. ثم ينظر فيجد الله سبحانه يسعهم في ملكه، ويطعمهم، ويسقيهم، ويغدق أحيانًا عليهم، ويفتح عليهم أبواب كل شيء.. وما يجد الإنسان إلا أن يقول قولة أبي بكر رضي الله عنه والمشركون يضربونه الضرب المبرح الغليظ، حتى ما يعرف له أنف من عين: رب ما أحلمك! رب ما أحلمك!.
. فإنما هو حلم الله وحده.. وهو يستدرجهم من حيث لا يعلمون!
{والله أعلم بالظالمين}..
فهو يمهلهم عن علم، ويملي لهم عن حكمة، ويحلم عليهم وهو قادر على أن يجيبهم إلى ما يقترحون، ثم ينزل بهم العذاب الأليم..
وبمناسبة علم الله سبحانه بالظالمين؛ واستطرادًا في بيان حقيقة الألوهية؛ يجلي هذه الحقيقة في مجال ضخم عميق من مجالاتها الفريدة.. مجال الغيب المكنون، وعلم الله المحيط بهذا الغيب إحاطته بكل شيء، ويرسم صورة فريدة لهذا العلم؛ ويرسل سهامًا بعيدة المدى تشير إلى آماده وآفاقه من بعيد: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}..
إنها صورة لعلم الله الشامل المحيط؛ الذي لا يند عنه شيء في الزمان ولا في المكان، في الأرض ولا في السماء، في البر ولا في البحر، في جوف الأرض ولا في طباق الجو، من حي وميت ويابس ورطب..
ولكن أين هذا الذي نقوله نحن- بأسلوبنا البشري المعهود- من ذلك النسق القرآني العجيب؟ وأين هذا التعبير الإحصائي المجرد، من ذلك التصوير العميق الموحي؟
إن الخيال البشري لينطلق وراء النص القصير يرتاد آفاق المعلوم والمجهول، وعالم الغيب وعالم الشهود، وهو يتبع ظلال علم الله في أرجاء الكون الفسيح، ووراء حدود هذا الكون المشهود.. وإن الوجدان ليرتعش وهو يستقبل الصور والمشاهد من كل فج وواد. وهو يرتاد- أو يحاول أن يرتاد- أستار الغيوب المختومة في الماضي والحاضر والمستقبل؛ البعيدة الآماد والآفاق والأغوار.. مفاتحها كلها عند الله؛ لا يعلمها إلا هو.. ويجول في مجاهل البر وفي غيابات البحر، المكشوفة كلها لعلم الله. ويتبع الأوراق الساقطة من أشجار الأرض، لا يحصيها عد، وعين الله على كل ورقة تسقط. هنا وهنا وهناك. ويلحظ كل حبة مخبوءة في ظلمات الأرض لا تغيب عن عين الله. ويرقب كل رطب وكل يابس في هذا الكون العريض، لا يند منه شيء عن علم الله المحيط..
إنها جولة تدير الرؤوس، وتذهل العقول. جولة في آماد من الزمان، وآفاق من المكان، وأغوار من المنظور والمحجوب، والمعلوم والمجهول.. جولة بعيدة موغلة مترامية الأطراف، يعيا بتصور آمادها الخيال.. وهي ترسم هكذا دقيقة كاملة شاملة في بضع كلمات..
ألا إنه الإعجاز!
وننظر إلى هذه الآية القصيرة من أي جانب فنرى هذا الإعجاز، الناطق بمصدر هذا القرآن.
ننظر إليها من ناحية موضوعها، فنجزم للوهلة الأولى بأن هذا كلام لا يقوله بشر؛ فليس عليه طابع البشر.. إن الفكر البشري- حين يتحدث عن مثل هذا الموضوع: موضوع شمول العلم وإحاطته- لا يرتاد هذه الآفاق.
. إن مطارح الفكر البشري وانطلاقاته في هذا المجال لها طابع آخر ولها حدود. إنه ينتزع تصوراته التي يعبر عنها من اهتماماته.. فما اهتمام الفكر البشري بتقصي وإحصاء الورق الساقط من الشجر، في كل أنحاء الأرض؟ إن المسألة لا تخطر على بال الفكر البشري ابتداء. لا يخطر على باله أن يتتبع ويحصي ذلك الورق الساقط في أنحاء الأرض. ومن ثم لا يخطر له أن يتجه هذا الاتجاه ولا أن يعبر هذا التعبير عن العلم الشامل! إنما الورق الساقط شأن يحصيه الخالق؛ ويعبر عنه الخالق!
وما اهتمام الفكر البشري بكل حبة مخبوءة في ظلمات الأرض؟ إن أقصى ما يحفل به بنو البشر هو الحب الذي يخبأونه هم في جوف الأرض ويرتقبون إنباته.. فأما تتبع كل حبة مخبوءة في ظلمات الأرض؛ فمما لا يخطر للبشر على بال أن يهتموا به، ولا أن يلحظوا وجوده، ولا أن يعبروا به عن العلم الشامل! إنما الحب المخبوء في ظلمات الأرض شان يحصيه الخالق، ويعبر عنه الخالق!
وما اهتمام الفكر البشري بهذا الإطلاق: {ولا رطب ولا يابس}.. إن أقصى ما يتجه إليه تفكير البشر هو الانتفاع بالرطب واليابس مما بين أيديهم.. فأما التحدث عنه كدليل للعلم الشامل. فهذا ليس من المعهود في اتجاه البشر وتعبيراتهم كذلك! إنما كل رطب وكل يابس شأن يحصيه الخالق، ويعبر عنه الخالق!
ولا يفكر البشر أن تكون كل ورقة ساقطة، وكل حبة مخبوءة، وكل رطب وكل يابس في كتاب مبين، وفي سجل محفوظ.. فما شأنهم بهذا، وما فائدته لهم؟ وما احتفالهم بتسجيله؟ إنما الذي يحصيه ويسجله هو صاحب الملك، الذي لا يند عنه شيء في ملكه.. الصغير كالكبير؛ والحقير كالجليل؛ والمخبوء كالظاهر؛ والمجهول كالمعلوم؛ والبعيد كالقريب..
إن هذا المشهد الشامل الواسع العميق الرائع.. مشهد الورق الساقط من شجر الأرض جميعًا، والحب المخبوء في أطواء الأرض جميعًا، والرطب واليابس في أرجاء الأرض جميعًا.. إن هذا المشهد كما أنه لا يتجه إليه الفكر البشري والاهتمام البشري؛ وكذلك لا تلحظه العين البشرية؛ ولا تلم به النظرة البشرية.. إنه المشهد الذي يتكشف هكذا بجملته لعلم الله وحده؛ المشرف على كل شيء، المحيط بكل شيء.. الحافظ لكل شيء، الذي تتعلق مشيئته وقدره بكل شيء.. الصغير كالكبير، والحقير كالجليل، والمخبوء كالظاهر، والمجهول كالمعلوم، والبعيد كالقريب..
والذين يزاولون الشعور ويزاولون التعبير من بني البشر يدركون جيدًا حدود التصور البشري، وحدود التعبير البشري أيضًا. ويعلمون- من تجربتهم البشرية- أن مثل هذا المشهد، لا يخطر على القلب البشري؛ كما أن مثل هذا التعبير لا يتأتى له أيضًا.. والذين يمارون في هذا عليهم أن يراجعوا قول البشر كله، ليروا إن كانوا قد اتجهوا مثل هذا الاتجاه أصلًا!
وهذه الآية وأمثالها في القرآن الكريم تكفي وحدها لمعرفة مصدر هذا الكتاب الكريم.
كذلك ننظر إليها من ناحية الإبداع الفني في التعبير ذاته، فنرى آفاقًا من الجمال والتناسق لا تعرفها أعمال البشر، على هذا المستوى السامق:
{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}.. آماد وآفاق وأغوار في المجهول المطلق. في الزمان والمكان، وفي الماضي والحاضر والمستقبل، وفي أحداث الحياة وتصورات الوجدان..
{ويعلم ما في البر والبحر}.. آماد وآفاق وآغوار في المنظور، على استواء وسعة وشمول.. تناسب في عالم الشهود المشهود تلك الآماد والآفاق والأغوار في عالم الغيب المحجوب.
{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها}.. حركة الموت والفناء؛ وحركة السقوط والانحدار، من علو إلى سفل، ومن حياة إلى اندثار.
{ولا حبة في ظلمات الأرض}.. حركة البزوغ والنماء، المنبثقة من الغور إلى السطح، ومن كمون وسكون إلى اندفاع وانطلاق.
{ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}.. التعميم الشامل، الذي يشمل الحياة والموت، والأزدهار والذبول؛ في كل حي على الإطلاق..
فمن ذا الذي يبدع ذلك الاتجاه والانطلاق؟ ومن ذا الذي يبدع هذا التناسق والجمال؟.. من ذا الذي يبدع هذا كله وذلك كله، في مثل هذا النص القصير.. من؟ إلا الله!
ثم نقف أمام قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}..
نقف لنقول كلمة عن {الغيب} و{مفاتحه} واختصاص الله سبحانه بالعلم بها.. ذلك أن حقيقة الغيب من مقومات التصور الإسلامي الأساسية؛ لأنها من مقومات العقيدة الإسلامية الأساسية؛ ومن قواعد الإيمان الرئيسية.. وذلك أن كلمات الغيب والغيبية تلاك في هذه الأيام كثيرًا- بعد ظهور المذهب المادي- وتوضع في مقابل العلم والعلمية.. والقرآن الكريم يقرر أن هناك غيبًا لا يعلم مفاتحه إلا الله. ويقرر أن ما أوتيه الإنسان من العلم قليل.. وهذا القليل إنما آتاه الله له بقدر ما يعلم هو سبحانه من طاقته ومن حاجته. وأن الناس لا يعلمون- فيما وراء العلم الذي أعطاهم الله إياه- إلا ظنًا، وأن الظن لا يغني من الحق شيئًا.. كما يقرر سبحانه أن الله قد خلق هذا الكون، وجعل له سننًا لا تتبدل؛ وأنه علم الإنسان أن يبحث عن هذه السنن ويدرك بعضها؛ ويتعامل معها- في حدود طاقته وحاجته- وأنه سيكشف له من هذه السنن في الأنفس والآفاق ما يزيده يقينًا وتأكدًا أن الذي جاءه من عند ربه هو الحق.. دون أن يخل هذا الكشف عن سنن الله التي لا تبديل لها، بحقيقة الغيب المجهول للإنسان، والذي سيظل كذلك مجهولًا، ولا بحقيقة طلاقة مشيئة الله وحدوث كل شيء بقدر غيبي خاص من الله، ينشيء هذا الحدث ويبرزه للوجود.